الجمعة، 16 أكتوبر 2009

الحجاب

مقالي القادم عن الحجاب

سأطرح رأيي بصراحة والذي أعتقد بانه سيشكل مخالفة صريحة للادينيين والملحدين بالتحديد

الاثنين، 12 أكتوبر 2009

الرب الذي لايحترم عقلا صنعه بيديه ... يعطينا العذر في الا نعبده

بالبداية لابد أن انوه بأن الجملة السابقة مقتبسة من كتاب

الله والانسان للدكتور مصطفى محمود وطبعا قبل أن يضله الله !

وهو موجود على هذا الرابط لمن يحب قرائته

http://www.4shared.com/file/139865167/45b8298e/__-__.html?s=1


كل انسان يجد نفسه بفترة من الفترات وحيدا وهادئا ليبدأ بالتفكير

عميقا بداية بالحبيبه الملعونة غالبا ويلعن الحب شو بيذل

وصولا الى الله او الرب الأكثر اذلالا للانسان .

لينتهي التفكير بالسؤال المشروع عقلا والخطير والمنبوذ خصوصا اسلاميا وهو :

من خلق الله !!!!!!!!!!!!!!!

تراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

أووووف كيف وصلت لذلك السؤال ياكاااااااااااااااااااااااااافر ياغبي ياحمار ياوهابي

الم تقرأ بأن محمد أمرك بأن تنظر لبعرة البعير ولكل ماحولك لتدرك وجود

رب بدوي يعشق الابل ولبنها وبولها حتى ؟

انك فعلا مخلوق غبي متخلف تُخالف فطرتك التي خلقك الله عليها !!!

بالحقيقة أشفق بشدة على هؤلاء البشر الذين ما أن يبدأوا بالتفكير حتى يُقفل

امامهم خط العقل ليجد نفسه من جديد أسيرا لأفكار موروثة متخلفة وطبعا بأوامر مباشرة من المستفيدين !

الآن وبعد تلك المقدمة ندخل بالجد والتفكير المنطقي والذي بالطبع يدعوا له الرب !!

لنفترض ونعترف ونتخيل ولدقائق فقط بخلق الله لنا وطبعا بما نحمله من عيوب وصفات جينية

تتحكم فينا وبحياتنا مما سيترتب عليه مستقبلنا وصحتنا النفسية ومستقبلنا طبعا ووووو الخ .

الله خلقني وعقلي وكل مافي

وبدأت بالتفكير بعقلي الذي وهبني اياه والذي خلقني به هو

وتوصلت به أي بذات العقل

بأنه غير موجود

فهل يحق له محاسبتي على ما أعطاني ووهبني اياه هو بذاته ؟


في احدى نقاشاتي سألني الشخص المناقش ماذا ستقول لله اذا قال لك لماذا لم تعبدني وانا الذي ميزتك بالعقل ؟

وأجبته ببساطه شديده

أني لم أستوعب وجوده !

الخميس، 11 يونيو 2009

من الاسلام إلى الإلحاد

ليس غريبا انتقال شخص من فكر إلى فكر آخر
لكن شخصيتنا ليست شخصية عادية

انه العظيم عبدالله القصيمي

فالشيخ عبدالله القصيمي رمز لامع في سماء الوهابية
حتى قيل انه من شيوخ ابن باز نفسه
الشيخ عبدالله القصيمي ( 1907 - 1996م ) أثرى المكتبة الوهابية بمؤلفاته
يحمل لواء هذا المذهب و يذب عنه

فله كتب يناوش فيها الشيعة إن صح التعبير
من أشهرها كتابه ( الصراع بين الإسلام والوثنية )
يرد فيه على الشيخ الشيعي محسن الأمين الذي هاجم الدعوة السلفية



و أخرى يهاجم فيها علماء الأزهر
مثل (البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية) يرد مقالة عالم الأزهر يوسف الدجوي
(التوسل وجهالة الوهابيين) المنشورة في مجلة"نور الإسلام" عام 1931 الذي بسببه طرد من الأزهر
و مثل كتاب ( شيوخ الأزهر والزيادة في الإسلام)
و (الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم)
وكتاب ( الثورة الوهابية)



حتى كان ملهما لقرائح علماءهم و شعراءهم
فها هو شيخ الحرم المكي و مدير دار الحديث حينها يقول فيه
ألا في الله ماخط اليراع
لنصر الدين واحتدم الصراع

صراع لا يماثله صراع
تميد به الأباطح والتلاع

صراع بين إسلام وكفر
يقوم به القصيمي الشجاع

خبير بالبطولة عبقري
له في العلم والبرهان باع

يقول الحق لا يخشى ملاماً
وذلك عنده نعم المتاع

يريك صراعه أسداً هصوراً
له في خصمه أمر مطاع

كأن بيانه سيل أتيّ
تفيض به المسالك والبقاع

لقد أحسنت في رد عليهم
وجئتهم بمالا يستطاع



يقول الشيخ حسن القاياني بمجلة المقتطف -العدد 10 فبراير 1947 :
(معسكر الاصلاح في الشرق، قلبه هو السيد القصيمي نزيل القاهرة اليوم، نجدي في جبته وقبائه ، وصمادته وعقاله ..)



لكن الشيخ عبدالله القصيمي انقلب على الفكر السلفي والديني ليؤلف
كتاب (هذه هي الأغلال)
و ( يكذبون كي يروا الله جميلا)
و (العرب ظاهرة صوتية)
و بدا يتغير لقبه عندهم من الشيخ إلى الملحد
و يصبح في مرمى السلفيه
فهاهو الشيخ السلفي راشد بن صالح بن خنين يقول
هذا القصيمي في الأغلال قد كفرا
وفاه بالزيغ والإلحاد مشتهرا



هذا الذي "بصراع" و"البروق" أتى
بالزعم منتسباً للدين منتصرا



من بعد نصرته للدين في كتب
أضحى يفنده! يا بئس ما ابتكرا



أما ابن باز عبدالعزيز فيقول فيه :الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد. فإني لما قرأت هذه القصيدة السديدة. التي أنشأها الفهم الأديب واللوذعي الأريب، الشاب الفاضل راشدبن صالح بن خنين زاده الله علماً وفهما وجدتها قد وافقت الحق الذي يجب اعتقاده في هذا الباب، وزيفت كثيراً من أضاليل هذا الزائغ المرتاب. فإن هذا الضال القصيمي قد أكثر في كتابه من أنواع الضلال والكفر والإلحاد، ليضل بها الناس عن الحق والهدى ويدعوهم بها إلى نبذ الدين وسلوك مسلك أعداء الله الكافرين في حب الدنيا وإيثارها على الآخرة، وطلبها بكل طريق أوصل إليها سواء أباحه الشرع أو حظره



كان انقلاب الشيخ القصيمي بمثابة الزلازال لما كان يحتله من مكانة مرموقة
فما الذي دعاه لهذا التحول الكبير برأيكم ؟

وهو الموصوف بالذكاء والشجاعه وبحسب رأي شيوخ الطين ؟!


و هذه بعض أقوال الشيخ عبدالله القصيمي الرمز الاسلامي الوهابي السابق والمنقلب عليهم


* " إن القتل والبذاءة باسم العقيدة أو المذهب أو الدفاع عن العدل أو الحرية، هما قتل وبذاءة بالتوحش الذاتي والرغبة النفسية، بُررا تبريراً أخلاقياً وعقائدياً، بل حولا إلى عقيدة وأخلاق ..

* "أنا أرفض أن أموت، أن يموت أبني، أن يموت صديقي، أن يموت أي إنسان، أن يموت خصمي، أن يكون لي خصم! أنا أرفض ذلك تحت أي شعار، تحت أي فكرة تختفي وراءها أضخم الأكاذيب وأفجر الطغاة والمعلمين، لهذا أنا أرفض التعاليم والمذاهب التي تعلمني كيف اكون قاتلاً، كيف أكون مقتولاً، كيف أؤمن بذلك، كيف أهتف لمن يدعونني إليه، لمن يوقعونه بي.."

* "إننا نعتقد أن هذه الجماعات المنسوبة إلى الدين، الناطقة باسمه لو أنها استطاعت الوثوب على الحكم ووضعت السلاح في يدها لحكمَ البشرَ عهدٌ من الإرهاب يتضاءل إزاءه كل إرهاب يستنكره العالم اليوم، وهذا أمر يجب أن يعرفه أولوا الرأي والمقدرة وأن يحسبوا له الحساب قبل فوات الأوان، ولن تجد أقسى قلباً ولا أفتك يداً من إنسان يثبُ على عنقك ومالك، يقتلك ويسلبك، معتقداً أنه يتقرب إلى الله بذلك، ويجاهد في سبيله، وينفذ أوامره وشرائعه!! والسوء لمن ناموا على فوهة البركان قائلين: لعله لا ينطلق.. "

* "لا يجب أن نعجب إذا وجدناً مخبولاً يهذي ويُمَنِّي بالمستحيلات، فقد نجح وأخذ برقاب الآلاف أو مئات الآلاف أو الملايين من هذه القطعان البشرية، يقودها حيثُ شاء، فإنه قد هاجم أضعف جانب فيهم- وهو جانب الرجاء والأمل- فقد انتصر عليهم دون عناء! وعلى هذا فمن البعيد الصعب الوقوف في سبيل هؤلاء المخادعين وفي سبيل استيلائهم على الجماعات بواسطة التلويح لها بآمالها، وعلى هذا يجب ألا يعد نجاح هؤلاء دليلاً على أن لهم قيمة بل يجب أن يعد دليلاً على ضعف النفس الإنسانية المؤملة المرجية .. "

* "الشعوب العربية لا تعترف بقيمة النقد، بل لا تعرفه، إن النقد في تقديرها كائن غريب كريه، إنه غزو خارجي ، إنه فجور أخلاقي ، إنه بذاءة، إنه وحش فظيع يريد أن يغتال آلهتها ، إن النقد مؤامرة خارجية ، إنه خيانة، إنه ضد الأصالة ، إنها لذلك تظل تتغذى بكل الجيف العقلية التي تقدم إليها، لا تسأم التصديق ولا تمل الانتظار، إن أسوأ الأعداء في تقديرها هم الذين يحاولون أن يصححوا أفكارها وعقائدها أو يحموها من لصوص العقول ومزيفي العقائد، وبائعي الأرباب ، إن تكرار الأكاذيب والأخطاء والتضحيات لا يوقظ فيها شهامة الإباء أو الشك أو الاحتجاج، لقد جاءت مثلاً أليما في الوفاء والصبر والانتظار لكل مهدي لا ينتظر خروجه "

* " إنه لا يمكن أن تكون ثورة بدون أصوات عالية، إن الأصوات العالية تستهلك حماس الإنسان وطاقته، إنها تفسد قدرته على الرؤية والتفكير والسلوك الجيد، إن الأصوات العالية هي الثمن السخي الذي تهبه الثورات للمجتمعات التي تصاب بها، إن الأصوات العالية هي العقاب الغوغائي الذي تعاقب به كل ثورة أعصاب ووقار مجتمعها"

* " ما أوقحك وأكثر ذنوبك أيتها الشعارات، ما أوقحك في فم الطاغية، في أجهزته، في فلسفته، ما أوقحك في فم المعلم والكاتب والخطيب والواعظ، كم كذبت ؟ كم قتلت؟ كم خدعت، كم سرقت، كم هيجت؟ إني أخافك، إني أحتقرك أيتها الشعارات "

الخميس، 7 مايو 2009

صفعة لمحمد العوضي واشباهه

بين الحين والآخر يخرج علينا عباد

الحجارة والسراب بعبارات وأكاذيب يضحكون بها على البسطاء من المؤمنين

فتجد الاخ يقول تبا لكم ياملحدين أتلحدون بسبب موقف شخصي مررتم

به ولم تعجبكم ردة فعل الله وهروبه منكم بوقت الضيق والحاجة ؟

الا تعرف يازنديق بأن الله مش فاضي لشكلك

بس فاضي لي ولمن شاكلني

يستجيب لدعواتهم من زيادة مال ونساء وشهرة! اما غريب هذا المنطق فعلا !

طبعا الآن سألوم الله على تركه للمشكك وحبه للمؤمن

هو سؤال واحد ارجوه من رب العوضي , أيهم اهم بالعناية المريض ام المتعافي ؟ المشكك ام المتيقن ؟

الم يعلم ربك بأن عقل المشكك لم يستوعب وجوده وكما تدعون بسبب قصر عقولهم ؟

ويعلم بذات الوقت بأنك متيقن من وجوده ؟

ايهم احق الآن بعناية ربك , المريض ام المتعافي ؟

اذا قلت بأنك يجب ان تعبده وتطيعه لتجد دعواتك مستجابة تكون قد وقعت بأسوء وأكبر الأخطاء التي لاتمر على أصغر العقول

لانك ببساطة قد اضفت لربك صفة النقص والحاجه.

ومن جهة أخرى

الأخ مستضيف شخصيات يقول بأنها ملحدة او كانت ملحدة وتابت لرب البدو طبعا مش لغيروا :)

وطبعا الأخ الضيف صور الملحدين بأنهم مرضى نفسيين ومدمنيين والعلاجات النفسية

المهدئة لاتفارق جيوبهم !

ياسيدي الذي اعلمه بأن دينك يحرم الكذب والبهتان فهل أنت مستعد للقسم امام ربك بأن

جميع الملحدين مرضى نفسيين ؟ كما اتمنى ان تقسم عن عدم وجود مؤمنيين منهم ؟

عيب عليك يامحمد العوضي

















صورة محمد العوضي



نعم عيب كبير بحقك يامحمد ياعوضي هذا الكم من الكذب والتضليل

نعم

يجب ان تعرف بأن الصفعة تفيقك من غيبوبتك

تفيقك من نومك وسباتك العميق وان كنت صاحي ايضا فستجعلك تلتفت غصبا عن ربك البدوي

نعم هذا هو الحق الذي سيسود العالم رغما عنك فيكفيك كذب وايهام للمساكين





وبالنهائية ان كنت تملك الحق كما تدعي اتمنى ان اجد لك رد على ابسط الاسأله واقدمها عندي وعند غيري من البشر

فقط جواب مقنع وستجدني أول المؤمنين

هل يريد الله ان يمنع الشر , لكنه لا يقدر ؟

حينئذ هو ليس كلى القدرة !!

هل يقدر , لكنه لا يريد ؟

حينئذ هو شرير !!

هل يقدر ويريد ؟

فمن اين يأتى الشر اذن ؟

هل هو لا يقدر ولا يريد؟

فلماذا نطلق عليه الله اذن؟



الفيلسوف اليوناني

أبيقور

والمتوفى سنة 270 قبل الميلاد

يعني قبل ولادة ربك البدوى بأكثر 800 عام :)

الخميس، 23 أبريل 2009

البدوي الثائر عبد الله القصيمي



قدم من الصحراء السعودية، من قلب الصحراء، كما يقول أنسي الحاج، نبت ضد الطبيعة. في الصحراء فجأة، وفيما الجميع لا يترقبون هناك أحدا. نبت كالشوكة، كالفاجعة. وحيث مشى في الصحراء صارت كل حبة رمل بطلة. وصار في الصحراء شجرة عظيمة.

إنه المفكر والكاتب عبد الله القصيمي القادم من الصحراء، والعائد اليها سرا بعد عمر أكثر من ثمانين سنة ليموت ميتة مجهولة، بعد نفي وتشرد ومطاردة في كل مكان ذهب اليه، حتى انه طرد من لبنان في الستينات يوم كان لبنان ملجأ
للهاربين من الانظمة، وكازينو للمغامرين، وعصابات المال والاحزاب، ووكرا للطائفية، ومرتعا للراقصات والمخابرات الدولية والعربية.

لبنان هذا ضاقت مساحته بهذا الصوت البدوي القادم من الصحراء، فقررت سلطاته في ذلك الوقت طرد القصيمي منه، لكن لبنان الاخر، لبنان أدو
نيس ويوسف الخال وانسي الحاج وغيرهم هم الذين حموا حفنة قيم ثقافية واخلاقية وسياسية من الهدر والابتذال وجنون الانتقام، رغم طرد القصيمي الى القاهرة.ولعل الموقف الخالد للراحل كمال جنبلاط الذي كان يومها وزيرا للداخلية هو احد المواقف التي تشهد على شجاعة المثقف والمفكر جنبلاط وانتصار رجل الحرية
على رجل البوليس. في الوقت الذي كانت شرطة الوزير جنبلاط تبحث عن القصيمي، كان جنبلاط المفكر والشاعر والمتصوف يجلس مع المفكر عبد الله القصيمي ويحاوره كشريك في الحرية وفي الكتابة وفي المصير.ويومها أطلق ادونيس نداءً شهيرا دعا فيه الكتاب والشعراء والمفكرين لكي يكونوا دروعا بشرية من اجل عبد الله القصيمي، سواء الذين يتفقون معه أو الذين لا يتفقون، لأن الحرية نفسها في خطر، ولأن عبد الله القصيمي هو اختبار لجدارة
الكتاب وامتحان لكل الذين يجعرون من اجل الحرية....وكتب يومها انسي الحاج محتجا بقوة قائلا:

" لم يفعل القصيمي شيئا. افكاره موضوعة في كتب، والكتب يجاوب عليها بكتب. معاملة الكاتب بالتدابير البوليسية تصرف جبان ".

هذا في منتصف الستينات حيث كانت لا تزال حفنة قيم ادبية وثقافية وسياسية باقية، ولا يعرف ، وربما يعرف انسي الحاج اليوم، ان هذه التدابير البوليسية التي كان يخجل منها رجال الشرطة العرب يومذاك، صارت في التقاليد الجديدة مفخرة، ومرجلة، وعقيدة الذين لا عقيدة ولا شرف ولا كرامة لهم.لكن من هو عبد الله القصيمي؟
من هو هذا الرجل الذي ملأ الصحراء العربية، حتى في شققها الاسمنتية، وعماراتها الحجرية التي هي تحوير للخيمة، وعاد الى بلده خلس
ة كما يعود لص في أعوامه الاخيرة ليموت كما تموت نباتات الصحراء بصمت وسكوت في براري الفجيعة والنفط والقواعد العسكرية؟

يذكر كتاب " لئلا يعود هارون الرشيد" الصادر عن دار الجمل، في مبادرة جريئة، ان القصيمي هو اول رجل دين وهابي نزع ثوبه الديني بعد ممارسة طويلة في الوهابية، ثم اعلن طلاقه منها مما عرض نفسه الى لعنة النظام ورجال الدين منذ عام 46 حتى وفاته سنة 95.ومنذ الخمسينات وحتى نهاية السبيعنات الف القصيمي كتبه العديدة والضخمة
ذات البعد الساخط على العالم، والتي استحق عنها حكم الاعدام الصادر بحقه غيابيا حتى وفاته الغامضة..

أهم هذه الكتب:
1 العالم ليس عقلا ـ 1964
2 أيها العقل، من رآك؟ 64
3 عاشق لعار التاريخ ـ 65
4 كبرياء التاريخ في مأزق ـ 66
5 هذا الكون ماضميره ؟ ـ 66
6 صحراء بلا أبعاد
7 فرعون يكتب سفر الخروج
8 العرب ظاهرة صوتية
9 ايها لعار المجد لك

وكتب عديدة اخرى.

في مقدمة الحوار الذي أجراه معه الشاعر والمفكر ادونيس في مجلة" لسان الحال ـ سنة 65" وتحت عنوان... الخرافة، الغباء، الطغيان، كتب أدونيس:















صورة الشاعر والمفكر ادونيس

" لا تستطيع أن تمسك به ـ بالقصيمي ـ فهو صراخ يقول كل شيء ولا يقول شيئا. يخاطب الجميع ولا يخاطب أحدا. انه الوجه والقفا: ثائر ومتلائم، ملتزم وغير ملتزم، بريء وفتاك. وانت عاجز عن وصفه. فهو بركان يتفجر، والحمم كلمات تحرق، لكن فيما تزرع العشب. فهو تيار جامح مهيب من المد والجزر، من الانقراض والانبعاث، مسكون بشحنة الاحتجاج، متناقض ومنطقي، معتم وصاف: كأنه الرمل وقطرة المطر.هكذا تتقاطع في صوته اصداء كثيرة: من هيراقليطس، وحتى العبثية مرورا بنيتشة وماركس،. لكنه يبقى غريبا اصيل النبرة والبعد،حتى ليصعب ان يوصف العربي الذي لايقرؤه بأنه مثقف أو بانه يحي
ا على هذه الارض.

يتابع ادونيس:

" عبد الله القصيمي في الفكر العربي حدث ومجيء: حدث لأن صوت هذا البدوي الاتي من تحت سماء المدينة ومكة، صوت هائل فريد. ومجيء لأن في هذا الصوت غضب الرؤيا والنبوءة..."


وفي هذه المقابلة يسأله أدونيس عن تهمة الهدم، فيرد عليه القصيمي:
ـ ان ما يقوله بعضهم من أنني هدام ، فإنني اقول لهؤلاء: عندما تتهمونني
بالهدم، وتقولون لي قف لا تهدم، فأنتم حينئذ تشبهون من يطلبون من الذين يقتلون الحشرات وجراثيم المرض ومنظفي المدينة، أن توقفوا عن أعمالكم، لأنها اعمال هدمية،

أنا
هدام، نعم، هدام. أهدم الخرافة، والغباء، والطغيان، والقبح، وتاريخ الالم.
وأعني بكلمة اهدم هنا احتج واصيح.


وعن هذا البدوي المار العابر في السماء العربية كنجمة تومض في عراء مفتوح،
قال انسي الحاج:

" اقرأوا القصيمي. لا تقرأو الان الا القصيمي. ياماحلمنا ان نكتب بهذه الشجاعة!


ياماهربنا من قول ما يقول! ياما روضنا انفسنا على النفاق، وتكيفنا، وحطمنا في انفسنا الحقيقة، لكي نتقي شر جزء مما لم يحاول القصيمي أن يتقي شر قوله. يهجم على الكلمة هجوم البائع الدنيا، وتقتحمك كلماته التي لا تتوقف اقتحام
الحريق ضد كل شيء ".


وحياة وموت هذا المفكر الذي قيل عنه اكثر من مرة لو ان الاجيال العربية درست القصيمي في المدارس لدخلنا عصر الحداثة، هي حياة وموت كل الاصوات المغردة خارج السرب أو المؤسسة...
والمؤسسة العربية وزعانفها عرفت بعد طول خبرة كيف تحمي نفسها من هذا المتمرد وأمثاله وكل سلالات العصيان إما بالإغتيال المادي، تصفية الجسد، أو بالإغتيال الرمزي اي تصفية الصوت، أو بالتشنيع الاخلاقي، وهذا الاخير ـ حسب المفكر ميشيل فوكو ـ هو شكل قديم من اشكال الاغتيال الاجتماعي القذر الذي يقوم لا على اخفاء الجسد ولا اخفاء الصوت، بل على التلويث والوصم، لكي يدخل في نسيج البشاعة العام.

مات عبد الله القصيمي ودفن سرا في الصحراء....
سرا جاء بدون توقع..
وسرا عاد بدون توقع..
وترك لنا الدهشة والانتظار...
انتظار ان يعود لنا يوما دون توقع من حافة هذه الصحراء، ومن قلب السراب،
حيث
لا نتوقع ظهور أحد.

السبت، 31 يناير 2009

لماذا يا رب البدو


إنني لا أشكر من أوجدني , لانه لم يوجدني لأنه يحبني , او لأنه يختار لي , او لانه يستجيب لما أريد . ولكنه اوجدني لانه يتعزى ويتداوى من آلامه وفراغة بايجادي !

القصيمي \ يكذبون لكي يروا الاله جميلا

نعم هذه الحقيقة ببساطة

فرب البدو يريد ان يتشفى بخلقه حتى يسد النقص والوحدة التي يعاني منها منذ الازل

انه يريد من البشر ان يعبدوه بالصلاة خمسة مرات باليوم وان يسبحوه بكرة واصيلا وان يحجوا البيت

وان يزكوا وان يدخوا منازلهم بأرجلهم اليمنى وان لا يتغوطوا قبالة القبلة المشرفة ووووو الخ من كم النقص الذي

يعانيه هذا الرب !

بل وصل النقص به ان يطلب ذلك من الحيوان والطير وحتى الحجر !

هل هذا رب كامل كما تدعون ؟!

فان كان كذلك فانا ارجوه ان يأخذ بعض الفيتامينات

















وكما ذكرنا بموضوعنا السابق لقد جننتم الله يامسلمين

بعض نواحي النقص الذي يعانيه رب البدو نقول \

الله ان وجد اعزائي لايجب الا يكون يهذا السوء والتردي والنقص الذي ينقله لنا اتباعه المستفيدين

فالله الحقيقي يجب ان يكون اعظم مما تفترون والا سيكون عبد حقير مثلكم !




الأربعاء، 14 يناير 2009

خمسون عاماً مع عبدالله القصيمي
















جريدة الرياض
عبدالله القفاري
بتاريخ 16 06 2008



منذ أن عرفت الأستاذ إبراهيم عبدالرحمن في القاهرة قبل عشرة أعوام، وأنا في كل زيارة للقاهرة أحرص أن ألتقي به، لاستعادة أسئلة مازالت تشغلني، وتشكل حيزاً من اهتمامي بشخصية أخرى رحلت عن عالمنا قبل أكثر من عشرة أعوام.
الأستاذ إبراهيم عبدالرحمن لمن لا يعرفه، هو محام مصري يقترب اليوم من الثمانين، عاصر مراحل مهمة في تاريخ مصر الحديث، يحمل رؤى مثقف قارئ في مشهد التحولات في الشارع المصري، لكنه في نظري يحمل ما هو أكثر أهمية من هذا، وهو ارتباطه صداقة ورفقة واقترابا من المفكر عبدالله القصيمي.. ولمدة زمنية تقارب الخمسة عقود.

لم أطق صبرا على وعود الأستاذ بأن يرى مشروعه (خمسون عاما مع عبدالله القصيمي) النور، حملت إليه تساؤلاتي وشغفي باكتشاف شخصية مثيرة للجدل ومازالت م
ادة مغرية للباحثين والقارئين في عقل مفكر وشخصية استثنائية مثل عبدالله القصيمي.

كُتبت حتى اليوم اطروحتان للدكتوراه عن عبدالله القصيمي، تناوله مفكرا، أحمد السباعي في أطروحته عن فكر عبدالله القصيمي التي حاز فيها على درجة الدكتوراه من جامعة الكسليك في لبنان في منتصف السبعينيات، وتناوله الباحث الألماني يورجن فازلا في اطروحة أخرى لكنها ركزت اهتمامها على أبعاد التحولات في شخصية عبداله القصيمي. وفي اعتقادي أن عبدالله القصيمي مازال مادة ثرية يمكن دراسة جوانب أخرى كثيرة في فكره وشخصيته وتحولاته. مهمة الباحث محاولة الاكتشاف، وفق مناهج وأساليب البحث والاقتراب من الحقيقة، وعندما يتجرد القارئ من خلفية ذهنية أو قاعدة فكرية تسيطر عليه تجاه الحكم على التاريخ أو الشخصيات، فبإمكانه أن يقرأ صفحات التاريخ والفكر وأبعاد التأثيرات بوعي الباحث عما خلف الظاهرة، لا محاكمة الظاهرة نفسها وفق منظوره أو قيمه أو مرجعيته.

قلت للأ
ستاذ إبراهيم عبدالرحمن لن ننتظر عشر سنوات أخرى، حتى تقوى على إخراج ما لديك. الزمن لا يرحم الذاكرة، ورجوته أن يفكر بطريقة أخرى لا تجعل من مشروعه بحثاً واستقصاءً مرجعياً فقط، إنما أيضاً تسجيلا حيا لذاكرة أيضا تحتاج اليوم لعمليات عصف ذهني حتى تعاود السرد، والتقاط تلك الصور التي يكاد الزمن يطويها مع رحيل شهودها.

في زيارتي الأخيرة لرفيق عبدالله القصيمي، ألحت على غريزة الصحفي لا الضيف الزائر. تحول اللقاء إلى حوار حاولت أن استعيد فيه تساؤلات لم أجد إجابة كافية عنها.

سألته في البدء لماذا يغيب عبدالله القصيمي عن ذاكرة المثقف المصري؟ وهو الذي أقام في مصر منذ 1928وحتى وفاته عام 1996، عدا تلك الفترات القصيرة التي قضاها في لبنان، قلت له لا أكاد أجد في ذاكرة بقايا المثقفين المصريين الذين عاصروا عبدالله القصيمي أي ملمح وأحيانا حتى فكرة عن شخصية مثيرة للجدل مثل عبدالله القصيمي. لماذا هو بعيد عن اهتمام المثقف المصري، وهو الذي عاش مرحلة زاخرة بالتحولات الفكرية والسياسية والثقافية في مصر، وثرية بالمفكرين والمثقفين والباحثين. لا نكاد نعرف سوى بعض أصدقائه من الشخصيا
ت اليمنية (مثل اللواء عبدالله جزيلان، وحسن السواحلي، وعبدالرحمن جابر، وأحمد النعمان) سواء من جمعته بهم ظروف في البدايات، أو من الطلاب اليمنيين الذين ربطته بهم علاقة الصداقة منذ كان يسكن في حلوان بالقرب من سكن البعثة اليمنية التي كانت تدرس في مصر آنذاك. تكاد تكون فترة إقامة القصيمي في لبنان وهي لا تتجاوز الثلاث سنوات على فترتين، الأكثر حيوية في مشهد الإعلان عن عبدالله القصيمي كاتباً ومفكراً.

تأسف الأستاذ إبراهيم لحال تلك العلاقة التي تكاد تضيق حتى التلاشي بين عبدالله القصيمي وبين المثقفين المصريين الذين عاصروه وعايشوا مرحلته. وأعاد فكرة الغياب إلى أن كتب القصيمي لم تكن تنشر في مصر، ولم يكن من المسموح تداولها. إنما هذا لم يكن واقع الحال في مرحلة ما قبل التحول أو بدايات إرهاصات التحول لدى عبدالله القصيمي، لقد نشر القصيمي كتبه الأولى في مصر منذ البروق النجدية، والزيادة في الإسلام، والصراع بين الوثنية والإسلام. وحتى كتابه الشهير (هذه هي الأغلال). لقد كتب آنذاك الأستاذ عباس محمود العقاد عن كتاب (هذه هي الأغلال) مقالاً طويلاً لافتاً ومحتفياً في مجلة الرسالة. وكتب عنهإسماعيل مظهر في المقتطف. بل إن ثلاثة
من كبار المحامين آنذاك تبرعوا للدفاع عن عبدالله القصيمي عندما رفع الأزهر قضية ضده لمصادرة كتابه (هذه هي الأغلال)، وهم الدكتور محمد عصفور والأستاذ عبدالمجيد نافع والأستاذ أحمد حسين (الذي أنشأ في الأربعينيات حزب مصر الفتاة). وقد كسب القضية عبدالله القصيمي آنذاك. إلا أنه منذ أن بدأ عبدالله القصيمي في الإعلان عن تحوله العاصف عبر كتبه التي كانت تنشر سراً في بيروت لم تظهر أي محاولة لقراءة عبدالله القصيمي حتى بين النخبة المصرية المثقفة آنذاك. أما على مستوى العلاقات الشخصية فإن مجلس عبدالله القصيمي لم يكن خلوا من أصدقاء من المثقفين المصريين على ندرتهم، ذكر منهم الشاعر الراحل صلاح عبدالصبور والشاعر محمد أبو الوفاء وإسماعيل مظهر. هؤلاء هم أبرز من جمعتهم بعبدالله القصيمي ملامح الصداقة والعلاقة الخاصة التي أخذت مساحة من الاقتراب من شخصية القصيمي.

لم تكن تلك الإجابة كافية لفهم تلك المسافة بين المثقف المصري باحثاً أو قارئاً وعبدالله القصيمي، اليوم اصحبت كل كتب عبدالله القصيمي تباع في مصر، بل ان الم
تاجرة بالقصيمي من بعض دور النشر لم توفر حتى البروق النجدية، الذي لا يحمل في نظري أي قيمة فكرية تدعو لإعادة إصداره سوى انه مشروع اكتساب باسم عبدالله القصيمي. وفي نظري أيضاً ان مرحلة علو الايدلوجيا الشمولية في المنطقة العربية لم تجعل كاتباً مفكراً رافضاً مثل عبدالله القصيمي محل اهتمام مثقف غارق في ملامح الايدلوجيا.. لم يكن عبدالله القصيمي كاتباً سياسياً، انما كان مفكراً يعبر عن أفكاره الرافضة غير مكترث بما يمكن أن تجلبه عليه من نفور أو رفض. كان محتجاً صارخاً متألماً ولم يكن يعنيه أن يخلق له عالماً من مريدين.

كانت عنايتي باكتشاف ملامح غير مقروءة في شخصية وتوجهات القصيمي.. سألت الأستاذ إبراهيم عبدالرحمن عن موقف القصيمي من مسألة الاستعمار، وهي المرحلة التي عايشها وكانت مقاومة الاستعمار والتحرر منه هي القضية الأولى في عقل الشارع العربي وفي مصر تحديداً.

ذكرتني إجابة الأستاذ بما كتبه أيضاً مالك بن نبي عن القابلية للاستعمار، فالقصيمي كان يقول ان الاستعمار جاء نتيجة حالة تخلف في المنطقة العربية، إلا أنه لم يكن يؤمن بنظرية المؤامرة، وكان يرى أن الاستعمار رغم سوءاته وما يمثله من هيمنة وسيطرة تنفر منها الشعوب الحية، إلا أن لهذا الاس
تعمار فوائده أيضاً.. بل انه ذهب إلى نقطة أثارت لدي تساؤلاً عميقاً: رغم ان هذا الاستعمار جاء بنية السيطرة والهيمنة والمكاسب المتحققة، إلا انه حمل معه قيم الحضارة الغربية - بشكل أو بآخر - وهي القيم التي يؤمن بها القصيمي ايماناً عميقاً وهي التي تحمل مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة.. إنها الجنين الذي تبلور في المنطقة ليقاوم الاستعمار ذاته. لقد نشر الاستعمار تلك المفاهيم، لأنها جزء من خلفية مشهد جاء منه هذا المستعمر.. حتى وإن لم تكن مقصودة بذاتها وهي كانت أداة إضعافه ومعاول مقاومته، والتخلص منه.. الاستعمار الخارجي في نظر القصيمي كان يمكن مقاومته وهو الذي حمل معه بذور ثقافة حضارة غربية مصادمة له في النهاية، ولا يمكن أن تتعايش مع فكرة الاستبداد.. بذور الفكر التنويري التي أشاعتها الحضارة الغربية لم تكن تقوى على التعايش طويل المدى مع نتائج التحولات في أوروبا نحو الهيمنة والاستعمار الخارجي. إنما المعضلة التي رآها القصيمي هي الاستعمار الداخلي.. كان يرى أن الدكتاتور العربي هو الوحيد القادر على إجهاض أي ملامح مقاومة، وبالتالي قتل تلك الحيوية التي يمكن أن تحرك الشارع نحو رفض فكرة الاستبداد.. الاستبداد الداخلي العربي خنق مفاهيم الحرية، ولم يقوَ على التعايش معها بالتالي خنق عناصر الثورة عليه.

لقد وعى القصيمي في أوج البروجاندا الناصرية آنذاك تلك الخطيئة التي ترتكب بحق الشعب العربي آنذاك.. في كتابه (العالم ليس عقلاً) هجاء واضح وضاج ومفحم للنظام الشمولي القمعي.. (هذا الذباب يقتلني كل صباح مرتين)، فصل في إدانة تلك اللغة التي خاطبت غرائز الجماهير للاستيلاء عليها والتفريغ الكلامي الذي كثيراً ما أدانه عبدالله القصيمي كان سمة مرحلة علو الخطاب السياسي المخدر في تلك المرحلة.

سألت الأستاذ عن موقف عبدالله القصيمي من حركة 23يوليو التي غيرت وجه الحياة في مصر.. اكتفى بأن قال: في البدايات لم يكن مع أو ضد.. لكنه ما إن اكتشف بعد قليل ابعاد التوجهات التي قادتها الحركة فإنه كثيراً ما كان يردد على مسمعي: (ما أجمل ما كان قبل) لقد كان ضد نظام حكم العسكر وكان يعتبره بكل الأحوال سطوا مسلحاً على الوطن.



















مقالة الاسبوع الماضي، حديث يضيء جوانب غير مقروءة أو يحاول الإجابة عن اسئلة لم تستوف حقها من البحث بما يتجاوز ما كتبه القصيمي نفسه أو من كُتب عنه. لم يخل ذلك الحديث - كما توقعت - من تعليقات عدد من القراء الذين استهجنوا الحديث عن عبدالله القصيمي؛ إلا أن ما يدفعني أيضاً لاشراك القارئ هو شغف فريق آخر من القراء.. وهي نسبة مبشرة توحي بتحول ذهني في عقلية القراءة.
عندما يتجرد القارئ من خلفية ذهنية مسبقة تسيطر عليه تجاه الحكم عن التاريخ أو الاحداث أو الشخصيات، فبامكانه ان يقرأ صفحات التاريخ والفكر وأبعاد التأثيرات بوعي الباحث عما خلف الظاهرة، أما محاكمة الظاهرة نفسها وفق منظوره أو قيمه أو مرجعيته فتلك مسألة اخرى. هناك فارق كبير بين الترويج لفكر، وبين استعادة قراءة جوانب اخرى تضيء تلك المساحة بين الفكر ومنتج الفكر نفسه، وهذا ما أحاوله.

تاريخ عبدالله القصيمي زاخر بالكثير مما يمكن ان يروى، لقد حاولت استنطاق من عرفت ممن بقي من اصدقائه من السعوديين أيضاً في مسائل اخرى غير ما نشر ويعرفه القراء، سواء ممن عرفه في بيروت أو القاهرة، وأنا هنا اتحدث عن اصدقاء اقتربوا منه بما يكفي لاكتشاف مساحة اخرى تطال تلك الشخصية الجدلية، ولا اتحدث عن عابرين ألقوا التحية عليه يوماً ما. ولا اتحدث عن انطباعات غير دقيقة وربما تأتي ملطفة وملتبسة وتحاذر ان تصدم قارئا على هذا الاساس فسأواصل تلك المهمة الشاقة. العقد الذي بيني وبين القارئ ان يشاركني في محاولة الاكتشاف، وان تتواضع أحكام الخلفية المسبقة الرافضة لاستعادة قراءة اخرى تطال جوانب لم تُقرأ بعد. لن يخسر القارئ كثيراً إذا ما اكتشف جوانب اخرى، انما يخسر كثيراً في نظري عندما يأخذه الشغف لمزيد من القراءة ومع ذلك يصر على معاقبة الكاتب بذهنية القراءة بالإدانة.

أعاود اليوم استكمال ما يمكن استكماله في شهادة رفيق وصديق للقصيمي التصق به قرابة الخمسة عقود في القاهرة وهو الأستاذ إبراهيم عبدالرحمن.

كان مما يشغلني في آراء القصيمي ما كان يدور حوله من قضايا كبرى، وفي اعتقادي ان الاقتراب من تلك الآراء يضيء جانبا غير مقروء في نزعة الرجل التحليلية للاحداث.

سألت الأستاذ: عاش القصيمي احداث نكبة فلسطين، ونحن اليوم نشهد الذكرى الستين لها، كيف كان يرى القصيمي موضوع الصراع العربي الإسرائيلي في تلك المرحلة التي عايشها؟

قال: لم يكن القصيمي يرى ان المسألة تحل بالحروب والمواجهة العسكرية آنذاك، كان يرى ان القضية في المنطقة أكبر من إسرائيل. كان يقول ان القضية حضارية بالدرجة الاولى، وان الشعوب والدول العربية لو ارتقت حضارياً لمستوى إسرائيل علمياً وتنظيمياً وإدارياً لن يكون هناك قضية اسمها إسرائيل، ستصغر إسرائيل وتتضاءل، حتى تصبح لا قيمة لها وسط هذا الزخم الحضاري الكبير، وإذا حصل أي نوع من المواجهة فلن يكون في مقدور إسرائيل البقاء.

التخلف العربي هو الذي مكّن إسرائيل من الوجود والتأثير الكبير في مستقبل المنطقة، وأن تتحول القضية في تلك المرحلة إلى مواجهة إسرائيل عن مواجهة الذات المتخلفة، هو الخطأ الكبير، وأن الطريق الصحيح كان يحتم تحرير الذات من اسر التخلف والاستبداد وعندها ستنتهي إسرائيل ولن تصبح قضية القضايا.

جاءت تلك الاجابة تحمل لبساً كبيراً، لقد أيقنت ان الاستبداد هو الطاعون الأكبر في هذه المنطقة العربية المنكوبة، وايقنت ان الصراع حضاري في البدء يتطلب الانعتاق من ربقة التخلف بكل اشكاله ومعاودة بناء الذات وفق منظومة من القيم الإنسانية والأخلاقية والحقوقية وكنت مؤمناً ان كل هذا هو الاطار الأكبر لانقاذ الذات العربية من وطأة التخلف القاتل أولاً وهو استعداد لا غنى عنه لمواجهة حتمية مع هذا الكيان، ولذا لم أتحرج من استعادة السؤال: ماذا يعني انها لن تصبح قضية القضايا.. هل كان يقصد أنها ستزول من خريطة الوجود أو تذوب في كيان أكبر أو لم يكن يعني هذا ولا ذاك.

لقد وجدت الأستاذ قلقاً من استعادة تلك الأسئلة، وادركت انه يخشى من وطأة الصدمة لو استعاد رأي القصيمي بشكل أكثر وضوحاً في هذه المسألة تحديداً. لقد كان الأستاذ إبراهيم مؤمنا برأي القصيمي في هذه المسألة، إلا انه خشي ان يجرح بعض إيماني بتلك القضية.

قلت له بأمانة الراوي، وبلا تحفظ لا ضرورة له اليوم. كيف كان يرى القصيمي المسألة اليهودية؟..

قال سأكشف لك شيئاً، ولأول مرة أقوله، لقد كان القصيمي متعاطفاً مع اليهود، الذين عانوا عبر كل العصور - على حد تعبيره - او كان يقول في البدء (اولاد عمومتنا من يقوى على استقبالهم غيرنا، واننا يمكن ان نستقبل نبوغاً عالمياً يمكن الإفادة منه).

تطلع الأستاذ في وجهي وهو يدرك ابعاد الصدمة التي يمكن ان يخلفها مثل هذا الرأي، الذي لم يعد غريباً اليوم، لكنه رأي القصيمي على ابواب النكبة.

قلت للأستاذ.، لن اعطي هذا الرأي أكثر مما يستحق، كما ان قراءة الآراء تخضع لظروف المشهد الذي قيلت فيه، أشك ان القصيمي اكتشف ابعاد المسألة اليهودية لدرجة ان تكون رؤيته مبنية على أسس قابلة للمحاكمة، الفكر السياسي هو الحيز الضيق الذي لما يقاربه القصيمي كما ينبغي.. أليس كذلك؟.. لقد مارس اليهود ذوو النبوغ العالمي اقسى أنواع التشريد والتهجير والقتل والنفي والطرد للفلسطينيين وسواهم ممن قاوموا مخطط هذا الكيان. لا أقوى على تحرير عقلي من مؤامرة استهدفت هذه المنطقة واستهدفت تعطيلها حضارياً، غرس هذا الكيان تعطيل حضاري، ومقاومته تتطلب استعادة حضارية للإنسان.. أليست تلك هي المعادلة الشاقة التي علينا فهمها؟..


لم يحر الأستاذ جواباً.. كان يبتسم وهو يتابع آثار الصدمة!!

ولأن المسألة اللبنانية حاضرة في المشهد السياسي اليوم، سألته: عاش القصيمي في لبنان بضع سنوات، ذهب اليها بعد اخراجه من مصر في منتصف الخمسينات تقريباً، وعاد إليها في الستينيات حتى أخرج منها.. وبين الاخراجين - من مصر اولا ومن لبنان ثانياً - قصة اخرى يمكن روايتها في وقت آخر. لقد أخذ القصيمي في اقامته الاولى ببيروت، كانت مفاجأته الكبرى سحرته فيها اجواء الحرية والتعددية والجمال وحيوية هذا البلد الصغير.. وقد نشط فيها كاتباً في صحف يومية يقترب من ملامح الكاتب السياسي، وهو الذي لم يعط هذا الجانب اهتماما سابقا.. كيف تحول القصيمي إلى كاتب سياسي في بيروت؟..

اجابني، إن القصيمي كان يرى لبنان منذ مرحلة الخمسينات استثناء عربياً، لبنان في ذاكرة القصيمي زهرة اغتيلت حتى تتساوى أقطار الخنق والرماد العربي.

استأذن الأستاذ وعاد بكتيب صغير قديم بلا غلاف، (كنت يالبنان زهرة).. أرجوزة عشق من القصيمي في لبنان الذي كان يمكن القول انها مناجاة عاشق للبنان الذي كان، وهجاء للعرب الذين اغتالوا تلك الزهرة!! وفي الحقيقة لم اتذوق تلك المنظومة لا من الناحية الفنية ولا من ناحية المعنى الذي يمس الاشكال الأكثر عمقاً في لبنان، سألته: لا أجد في هذا الكلام ما يعطيني ايحاءً بفهم القصيمي لعمق المشكلة اللبنانية، التي تقوم على تركيبة لبنان الطائفية والسياسية والحقل الذي كانت تتصارع فيه كل القوى آنذاك بالكلمة والنفوذ والمؤامرات ومازالت، قال لي انه كان يمجد حرية لبنان، التي تنفس فيها هواء اعاد له توهجه وعقد فيها صداقات قوية وكانت فضاء مفتوحاً حينها على صراع الأفكار وجدل الرؤى وهي ملح القصيمي ولذته الكبرى، إلا أنه لم يكن بعيداً عن فهم تلك التركيبة وتحولاتها، وكان يعي هشاشة تلك الحرية.



لقد كان يقول: (حرية لبنان، هي مثل حرية.... تباع وتشترى!!) أما عن تحول القصيمي في لبنان إلى الكتابة في بعض الصحف اليومية، فهو لم يكن كاتباً سياسياً ولم يعد نفسه يوماً كذلك، انما الظروف والتحولات السياسية هي التي فرضت نفسها آنذاك.. وشدته إلى اطار التعبير المتاح في لبنان عما يراه. لم يكن لعبدالله القصيمي اهتمام سياسي قبل رحلته الاولى إلى بيروت بعد اخراجه من مصر، ولم يكن يعمل بالسياسة، انما كان يجادل برأيه السياسي وفق رؤية تقدس الحريات، وشروط العدالة.. في بيروت بدأ يكتب في موضوعات سياسية فرضت نفسها عليه، ولم يكن يروج لأي منظومة أو مفاهيم سياسية،
لقد انفتح على الفكر السياسي، لكنه لم يكن يوماً كاتباً سياسياً.
















كل ما كتب حتى اليوم عن فكر ورؤى وشخصية عبدالله القصيمي يتواضع أمام هذه الظاهرة غير المألوفة في المنطقة العربية. أواصل اليوم اكتشاف جوانب اخرى لم تقرأ بعناية، وربما تندثر بعض تفاصيلها برحيل شهودها.
سألت صديقه ورفيقه طيلة تلك العقود، عاش عبدالله القصيمي منذ نهاية الاربعينيات علو التيارات السياسية وخاصة القومية (القوميين العرب والبعث والناصرية)، واحزاب اليسار الثورية الراديكالية، في بيروت التي عاشها في تلك المرحلة تصارعت تلك التيارات، وكان الفرز يتم وفق انتماءات تحققها تلك الواجهات التي أشعلت أحلام الجماهير العربية بالوحدة والتحرر والتقدم والتنمية، هل كان يميل القصيمي لاي فكر أو تنظيم سياسي آنذاك مما كانت تعج بها الساحة العربية.

أجابني: لا، على الاطلاق، لم يكن له أي ميول نحو أي تنظيم سياسي آنذك، كان له موقف من فكرة الحكم الثوري الذي كان يعتبره تحولا من فساد بنسب إلى فساد يبحث عن نسب. قال لي أيضاً انه كان مهتماً اثناء دراسته الجامعية بأفكار حزب البعث العربي الاشتراكي في وقت من الاوقات، وانه كان يذهب - أي الصديق - للقاء ميشيل عفلق وصلاح البيطار عندما كانوا يحلون بالقاهرة قبل الوحدة المصرية - السورية، وانه انتظم في أول وآخر خلية تتشكل لحزب البعث في مصر مع بعض الرفاق، منهم الصحفي الكبير الراحل أحمد بهاء الدين والدكتور جلال أحمد امين وغيرهم من اعداد قليلة كانت مهتمة بأفكار الحزب آنذاك، وخلال تلك الفترة حاول ان يناقش عبدالله القصيمي أفكار حزب البعث في محاولة لجذب اهتمامه بالحزب.. إلا أن القصيمي لم يعر لكلامه أي اهتمام. كانت ثقته بمثل تلك المشروعات ضعيفة، وكان موقفه اقرب إلى السلبية منه إلى الحياد. يقول مستطرداً، لقد كشفت لي تلك المواقف فيما بعد نظرة القصيمي المتقدمة للفكرة الثورية على الطريقة العربية آنذاك، التي اخذت اطاراً حالماً بعيداً عن قراءة الواقع العربي، ولم تعنى بقضية بناء الإنسان، الذي لا يمكن ان تقوم له قائمة دون شرط اطلاق العقل من اسر الترويج الفج للتحول الثوري بالأماني لا بقراءة الواقع وملامسة شروط النهضة الحقيقية التي تبدأ من ثورة الفكر على السائد والفج والمزور، ولا عُنيت بالحريات الاساسية التي تمنح الإنسان حرية الاختيار، وكانت تنظر لها باستخفاف كبير، وكانت تراهن على حضور وكاريزما القيادات التي تعد بالمن والسلوى وهي تخاطب غرائز الجماهير، ولكنها كانت اعجز من اجتراح معجزة نهوض، وأخيراً استلمها العسكر، وحولوها إلى أوطان معتمة بعد صراع مرير على السلطة.

سألته: لأول مرة اعرف ان حزب البعث العربي الاشتراكي كان له حضور في مصر ومنذ عام واحد فقط؟ لم أعرف هذا سوى بعد اطلاعي على مذكرات جلال أمين التي اصدرها العام الماضي وكشف فيها انتماءه للحزب في وقت مبكر.

أجابني: كانت ثمة نواة تتشكل في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، لكن الخلية الحزبية حلت نفسها بعد الوحدة المصرية السورية، لأن الحزب حل نفسه اصلا، ومن ذلك اليوم انفضت هذه الثلة القليلة عن الحزب ولم يعد له وجوده في مصر.

سألته، تحمل علاقة القصيمي باليمنيين، طلاباً أو قيادات فيما بعد، أبعاداً غير مقروءة، هل ثمة دور للقصيمي في الثورة اليمنية عام 1962م والتي اطاحت بحكم الامامة فيما بعد؟

أجابني: لم يكن للقصيمي علاقة مباشرة بالثورة اليمنية التي تفجرت عام 1962م، إلا ان هذا لا يعني ألا تكون له علاقة ببعض زعماء الثورة آنذاك، لقد اخذت تلك العلاقة بعدها في شقين، أولهما علاقته بآباء الثورة اليمنية كالأستاذ أحمد محمد النعمان وشاعر الثورة اليمنية محمد محمود الزبيري واللواء عبدالله جزيلان.. وهي علاقة قديمة، بعضها امتد منذ دراسة القصيمي في الأزهر في مصر في ثلاثينات القرن الماضي.. أما الشق الثاني فهي علاقته بالطلبة اليمنيين الذين كان يلتقي بهم في الحديقة اليابانية عندما كان يقيم في حلوان، حيث كان يبث افكاره الثورية وهي الأفكار التي لا تحمل مضموناً انقلابياً على طريقة سطو العسكر، ولكنها أفكار رفض وتمرد على واقع الحال في اليمن والنضال من أجل التغيير، وهو تغيير ادواته نشر العلم والأخذ باسباب التقدم وفتح النوافذ لرياح التغيير والتطوير، حيث لم يكن يرى أن هناك بارقة أمل في نظام يحجب شمس المعرفة ويصر على الانغلاق ويقاوم التغيير الايجابي ووسائله وشروطه.. الا انه لم يكن يتبنى فكرة التغيير عن طريق الانقلاب العسكري. ولقد اصبح العديد من هؤلاء الطلاب والاصدقاء في موقع المسؤولية بعد قيام الثورة، ومما يحضرني في هذا الشأن تلك الرسالة التي بعث بها القصيمي لصديقه أحمد محمد النعمان بعد دخول الثورة اليمنية في مرحلة صراع الاجنحة، يقول في رسالته لصديقه أحمد النعمان: (إلى الذي صنع الحبل، ثم هرب من المولود لدمامته). وهذه العبارة تقدم رؤية القصيمي لمولود الثورة آنذاك.

لم اقو على اسدال الستار بعد ذلك الحديث الطويل دون ان اعاود البحث في سؤال مازال يتردد صداه في ذهني. سألت الأستاذ اذا كان عبدالله القصيمي بلا رؤية مرجعية يراها نظاما يتسق لصالح رؤيته للإنسان والكون والحياة.. فهو اذن ليس بعيدا عن فكرة الفيلسوف الهدمي التقويضي، الذي يهدم لكن لا يشيد، والتي عبر عنها الأستاذ صبحي الحديدي في مقال متميز بمناسبة مئوية القصيمي.. حيث يقول: (لغة القصيمي ليست مجرد بصمة أسلوبية لكاتب يكثر من استخدام التكرار والعطف، بل هي علامة مركزية تؤشر على طبيعة هذا الفكر الذي لا يكف عن التقلب على أكثر من نار واحدة في الآن ذاته، ولا يكاد يطيق الاستقرار لبرهة خاطفة في دلالة بعينها لمفردة محددة، وهو بالتالي يتشكك أبداً، ولا يشيد أية عمارة إلا لكي يسارع الى هدمها..).

أجابني الأستاذ: كان يقول عبدالله القصيمي عن نفسه انا لست مصلحا. انه إنسان كان يرى شيئاً قد لا يراه الآخرون يصرخ ويبكي ويتألم ويضع هذا على الورق، كان يرى شيئا لا يستطيع قبوله، ولم يكن صاحب نظرية سياسية يبشر بها أو يدعو لها. الا انه ايضا كان ليبراليا متقدما على زمنه، حيث لم يكن الفكر الليبرالي سوى زاوية ضيقة في المشهد الثقافي والسياسي آنذاك. كان يرى ان البناء يجب ان يتوجه للخلية الاصغر وهي الإنسان، وكان يؤمن بالحضارة الغربية في اعلى مستوياتها وهي ما تعبر عنه من قيم الحرية والعدالة والمساواة بين البشر. استدركت على الأستاذ: لكن هذه الحضارة الغربية التي كان يؤمن بها القصيمي، ألم تمثل له استشكالا مفهوميا بين قيم هذه الحضارة التي بشرت بها في أعلى مستوياتها، وبين المستوى الأدنى من التعاطي في الشعوب الأخرى ومنها شعوب هذه المنطقة.

قال: إنه كان يدرك هذا تماماً، الا انه كان ينظر للحضارة الغربية باعتبار انها اطلقت مفاهيم ومبادئ هي الأكثر تقدمية عبر كل عصور التطور التاريخية للبشرية. كان القصيمي يرى لمحات تقدمية في الفلسفة اليونانية أو الديمقراطية الرومانية.. الا انها حضارات كانت تقوم ايضاً على تقسيم الناس الى سادة وعبيد، ودرجات أعلى وادنى بين البشر. الحضارة الغربية هي من جسد معاني المساواة والحرية والعدالة في مشروع الدولة والإنسان كما يراها.

سألته سؤال الاستشكال الدائم، كيف ترى كصديق ورفيق وقارئ لعبدالله القصيمي ذلك التحول العاصف في فكره من النقيض إلى النقيض.

اجانبي القصيمي لم يتحول، كان الرافض دائماً وابداً. شخصية عبدالله القصيمي شخصية رفض واحتجاج. آمن في البدء ودافع عن ايمانه بقوة وصرامة لا تلين وقاوم حتى من كان ضمن دائرة ما يؤمن به، صراعه مع الأزهر شاهد على هذا، وتحول باكياً وكتب كل هذا بلا مواربة أو خوف. القصيمي كائن حي وفكره جزء من تكوينه القابل للتحول والتطور، وقد يحمل الكثيرون نفس أفكار القصيمي أو ما يقاربها لكنه أكثر منهم شجاعة في التعبير عن أفكاره. وبغض النظر عن كل هذا. لقد رأيت في عبدالله القصيمي إنسانا لديه من الأحاسيس والمشاعر والنقاء ما يتعدى الكون، ان أجمل ما رأيت في عبدالله القصيمي هو ذلك الإنسان.

قلت له: كتب القصيمي يوماً ما اعتبره البعض الوثيقة الأكثر وضوحاً من موقفه من الايمان، يقول (ايماني بالله والأنبياء والأديان ليس موضوع خلاف بيني وبين نفسي أو بيني وبين تفكيري. ولا ينبغي أن يكون موضوع خلاف بيني وبين قرائي.. ولو أردت من نفسي وعقلي أن يشكا لما استطاعا، ولو أرادا مني أن أشك لما استطعت. ولو أني نفيت ايماني لما صدقت أقوالي. فشعوري أقوى من كل أفعالي.. إن الحقائق الكبرى لا تسقطها الألفاظ، كذلك الايمان بالله والأنبياء والأديان من الحقائق القوية التي لا يمكن أن تضعفها أو تشك فيها الكلمات التي قد تجيء غامضة أو عاجزة أو حادة لأن فورة من الحماس قد أطلقتها. إن ايماني يساوي: أنا موجود، إذن أنا مؤمن. أنا أفكر، إذن أنا مؤمن. أنا إنسان إذن أنا مؤمن).

هل ترى في هذا النص الذي على غير عادة نصوص القصيمي جاء منتظماً في خيط يمكن الامساك به، بلا تقلب سريع أو انقلاب مفاجئ أو مثل ما كان يسميه بعض النقاد البصق والبصق المضاد في نسق القصيمي، هو دلالة على ايمان الرجل وكأنها مسألة مفروغ منها لديه ولم تكن تشكل قضية في وجدانه آنذاك، على الرغم من تلك النصوص التي تناقض هذا بجلاء.

قال لي: اعتذر عن اصدار الأحكام عن القصيمي أو سواه، ان علاقتي بالقصيمي لم يكن في شروطها ان اخضعه أو يخضعني لشرط الايمان. لقد رحل القصيمي تاركاً تراثاً هائلاً، ربما يقرأ يوما ما بطريقة تقترب من ملامح كاتبه، لا على نسق مريدي اسقاطه لأنهم فاجأهم بما لم يكونوا مستعدين لقبوله.

سألته أخيراً: هناك من روج لفكرة تحول القصيمي في آخر أيام حياته وهو على فراش الموت، وانت القريب منه حتى تلك الساعات الأخيرة في مستشفى فلسطين حيث ودع الحياة!!؟

قال لي هذه كذبة جميلة، روج لها البعض ليمرر اسم القصيمي على صفحات الصحف في وقت كانت الكتابة عن القصيمي مشكلة بحد ذاتها. لقد حسم عبدالله القصيمي منذ وقت مبكر خياراته، لقد كانت كذبة جميلة تستهوي من يبحث عن فكرة التائب العائد لكنها ليست هي الحقيقة على الاطلاق.

استجمعت بعد سؤال النهايات تلك الهوامش المتفرقة التي خرجت بها من لقائي بالاستاذ إبراهيم عبدالرحمن وأنا أودعه.. ومازلت أفكر بلقاء أو لقاءات أخرى لأن ثمة اسئلة واسئلة مازالت تدور في ذهني، ولن تقوى الاجابات السريعة على اسكات قلق السؤال. الامساك ببعض خيوط عبدالله القصيمي مهمة شاقة لكنها تظل اكتشافا ممتعا.